فضيلة أن تقتل فكرتك بسؤال واحد 🔪
سؤال «لماذا» يعطيك معلومة، و«ماذا لو» يعطيك فكرة، و«هل فعلًا» يهدم ما بنيت بكلّ رضًا.

كم كان عمرك لما عرفت أنّ كلمة «يتأقلم» مشتقّة من «لقمان» الحكيم؟ فكلّما زادت حِكمتك زاد تأقلمك!
أيًا كان عمرك، هذه المعلومة ليست صحيحة، لكنّك قد تشعر أنّها شيّقة وقابلة للمشاركة. والسبب أنّها من النوع الذي يبثّ في عقلك ما يسمّونه «لحظة أها»، اللحظة التي تدرك فيها معلومةً مثيرة كانت غائبة عنك. وتصبح هذه التقنية مفيدة جدًا حين تسوّق من خلالها منتجك أو خدمتك.
وتكفيرًا عن كذبتي البيضاء، كلمة «يتأقلم» تعني التعايش مع إقليم أو بيئة جديدة. ثم صباح الخير.

لا يكفي الكاتب أن يفهم (بعد أن يسأل لماذا)، ولا أن يتخيّل (بعد أن يسأل ماذا لو)، بل عليه أن يشكّك. قلتُ في عددٍ مضى إنّ السبب وراء الغثيان الذي يصيبنا عند مشاهدة دراما سامجة أو قراءة قصيدة ركيكة أو إعلانٍ «كرنجيّ» هو أنّ كاتبهم لم يشكّك في صلاحية فكرته، وخانه المستشارون، وسلّك الزملاء، فصنعوا منه دخيلًا على الصنعة. ومعروفٌ أنّ التشكيك البنّاء في النّص لا يتعارض مع الثقة العالية في القدرات.
اسأل «هل فعلًا» كذا؟
هذا السؤال ليس سؤالًا فلسفيًا مثل (لماذا)، ولا بوابةً للخيال مثل (ماذا لو)، ربّما هو أداة فاعلة وسكّين نافذة في نصّك، تشذّب الزوائد وتقتل ما لا ينفع معه الإصلاح.
هل فعلًا هذه الفكرة جاذبة؟ هل هي أصيلة؟
هذا السؤال أطرحه على نفسي قبل أن أكتب لك حرفًا واحدًا، لأحدد فكرة المقالة، وحتى حين أختار لك من إجابات الزملاء على سؤال «لماذا»، هل فعلًا هذا الجواب جديرٌ بالتأمّل؟ هل فعلًا هذا الاقتباس يُشعل شمعةً في ظلام عالمنا الذي يعشق تكرير نفسه؟
استطراد لا يهمّك كثيرًا
كم مرةً قرأت عن سؤال «ماذا لو»؟ أو عن حساسية الفنّان في «نظرية فضل شاكر»؟ أو استغلال اختلاف الأذواق في «نظرية رابح صقر»؟ أو ما ستقرأه في عددٍ قادم عن «نظرية المديفر»… لن تجد الكثير يكتبون عن هذه الأفكار بنفس الطريقة التي أكتب بها وأقنعك، والسبب -قبل أن تتهمني بالنرجسية- أنّ هذه ملاحظاتي الشخصية النابعة من تجارب فشلي الكثيرة وملاحظاتي المزعجة وتأمّلاتي المؤرّقة، بعيدًا عن قراءاتي ومشاهداتي. هذه النشرة لأشاركك ما تعلّمته -وما زلت أتعلّمه كل يوم- من معمل الكتابة ومدرسة الحياة.
نعود لسؤالنا «هل فعلًا». اعلم أنّ هذا السؤال صالحٌ للاستخدام في ثلاث مراحل:
قبل الكتابة: لتتأكد من فكرتك هل هي فعلًا تخدم هدفك أو هدف الجهة التي تكتب بلسانها؟ هل فعلًا تلامس ألم العميل؟ هل هي أصيلة؟ عصيّة على التقليد؟ هل فعلًا ليست من سطح العقل ولا من قارعة الطريق؟ أم أنّ ضيق الوقت أو ضعف الالتزام أو انعدام الصبر أوصلك إليها مضطرًا؟
أثناء الكتابة: هل فعلًا هذا العنوان جيد بما يكفي لجذب القارئ؟ هل يوجد في مدخل النص أو السيناريو خطّافٌ حقيقيّ وليس احتياليّ؟ هل فعلًا هذه الخاتمة تقول شيئًا أم أنّ شكلها جميل وإيقاعها آسر ومرّت عليك بهذه الطريقة فقلّدت ما قرأتَه أو سمعته دون وعي؟
بعد الكتابة: هل فعلًا لهذه الجملة داعٍ؟ هل لهذه الفكرة داعٍ؟ هل فعلًا أنا أقول شيئًا مفيدًا أو جديدًا أو كليهما؟ أو أنّ حذف هذا الملف مستحب وسيشكرني عليه الإنس والجنّ؟
بعد كلّ هذه الأسئلة، إن كانت الإجابات صادقة ومبشّرة فانشر وتوكّل. إن نجحتَ فاحمد الله، وإن فشلت فتساءل «هل فعلًا حاولتُ بما يكفي؟».

كُلَّما أَدَّبَني الدَهرُ *** أَراني نَقصَ عَقلي
وَإِذا ما اِزدَدتُ عِلمًا *** زادَني عِلمًا بِجَهلي
أبو العتاهية

تساءلت في العدد الماضي: لماذا نصبح لطفاء مع الغرباء؟ وألهمتني إجاباتكم، فاخترت منها خمسة:
لأنّ اللطف أول أسلحة السلام — أسرار سعيد.
لأنهم لم يأذونا مثلما فعل الأقرباء — منة الله.
لأنهم لا يعلمون حقيقتنا — عبدالرحمن الصيرفي.
لحماية ذواتنا من ضبابية ما لا نعرفه عنهم — ابتسام اللهواني.
عشان نوقعهم في الفخ — شذا.
وسؤالي لكم اليوم، لماذا نخاف من خسارة ما لا نريده؟ 🔗

جميع أفلام وكتب مفرج المجفل.
أعجبتك النشرة؟ ودّك تستمرّ؟ أرسلها إلى ثلاثين شخص وتابع لقناة الواتساب ليصلك الجديد.

نشرة بريدية أسبوعية تفكّك ألغاز المحتوى لمَن يخوضون معارك سوداء مع الصفحة البيضاء! 🖋️