لماذا يسأل الكاتب «لماذا»؟
عن السؤال الذي يعيد إلينا رغبتنا القديمة في الفهم، قبل أن تتحوّل الحياة إلى عادة، والكتابة إلى مهنة.

هل عندك شكٌّ أنّ كل وسيطٍ إعلامي أو إعلاني سواءً كان تصميمًا أو فلمًا أو إعلانًا أو بودكاستًا أو نشرة… يبدأ بالكتابة؟ وأنّ الكتابة أمّ الفنون لا المسرح؟ وأنّ من يتقنها فقد أوتيَ خيرًا كثيرًا؟
ما عندك شكّ؟ صباح الخير. 🤝

كما اتفقنا، كلّ شكل من أشكال المحتوى وكلّ فكرة تصل إلى عالمنا تمرّ عبر الكتابة، سواءً مارسناها عبر ورقة وقلم، أو كتبناها في شاشة بالضرب على لوحة مفاتيح. نحن نكتب حتى نفهم. نفهم حقيقة الأفكار التي تجول في خواطرنا، ولماذا نريد تنفيذها؟ وهل ستكون صالحة؟ وكم من مشروع وُئِد في المهد لأنّنا حين نكتبه ونتأمّله نكتشف أنّه «بيض». فكيف إذا كان العمل معظمه أصلاً كتابة؟!
علينا أن نفهم قبل أن نكتب. وحتى نفهم، علينا أن نجيب على السؤال الأهم ثمّ المهم. أليس الكاتب -بل الإنسان- يبحث عن المعنى؟ إذن فليسأل «شمعنى» / ليش / لماذا؟ سؤال لماذا يعيد إلينا رغبتنا القديمة في الفهم، قبل أن تتحوّل الحياة إلى عادة، والكتابة إلى مهنة.
«لماذا» سؤالٌ قصير يعبّر عن أهمّ الأسئلة الطويلة، ولا يمكن للمسؤول أن يتملّص من إجابته. فمن خلالها نفهم: ما الذي نريد أن نقوله؟ ما المشكلة التي اجتمعنا لحلّها؟ لماذا نعتقد أنّ هذه الوسيلة هي الأفضل لإيصال هذه الرسالة؟ هل مرّرنا عليها سيف النقد بما يكفي؟
ولأنّ الأشياء تُعرف بأضدادها، ماذا سيحدث حين يغيب سؤال «لماذا» مع إجابته؟
ستصبح الكتابة مثل القيادة بعينين مغمضتين، لا تدري أين تذهب وكيف توزن سرعتك وتتفادى العقبات أمامك، وتصبح مهمة الكتابة «تسليكًا» محضًا. إن لم تعرف بالتحديد «لماذا» هذا النص أو المشروع، فأنت تحكم على الفكرة بالفشل مهما كان فريق إنتاجها عظيمًا وميزانيّتها ضخمة.
في سنةٍ من السنين، وفي وظيفةٍ من الوظائف، طُلب مني المشاركة في مهمة وصلَت إلى ثلاثين ردًّا… كلها تقدّم خيارات متنوعة للطرق المقترحة لتنفيذ المهمة (بلا وصفٍ واضح لمبرّراتها). انضممت للفريق في مرحلة التعديلات النهائية. عُدت لقراءة جميع النقاشات ذات العلاقة باحثًا عن إجابة سؤالي المفضّل فلم أجده. لَم يسأل أحدٌ «لماذا» يجب أن ننفّذ هذه الفكرة، الجميع مشغول بكيف ننفذها؟ ومتى «الددلاين»؟
يخجل معظم الناس من سؤال «لماذا» ويعدّونه من قبيل التطفّل أو الطفولة أو أسئلة «الشُّعبة». ولهذا تبدأ كثير من الفرق الإبداعية مشاريعها بهيّا بنا نفعل كذا، ثم كيف سنفعله؟ ومتى سننتهي منه؟ وأزعم أنّ تلك الفرق لو خاضت في سلسلة من ثلاث إلى خمس لماذات، لاختلفت معظم أنواع المحتوى السّيئ الذي نشاهده في عالمنا.
ستمنحك الإجابات التي تعطى لك مقابل سؤال «لماذا» مفاتيح تسهّل عليك حياتك إلى حدٍّ ما، ولكن لا تتوقع أن تُعطى إجاباتٍ شافية دائمًا. فقد تكون بعض الإجابات تخصّ سؤالًا آخر وليست عن سؤالنا المفضل. وستُعطى إجابات ولن تقتنع بأنها الوسيلة المثلى لتحقيق أهداف المهمّة. وهذا ليس دورك إن كنت -مثلي- موظّفًا لا يملك «نظرةً ثاقبة» مثل أصحاب الرّتب العليا. المهم أن تستمرّ في محاولات إقحام «لماذا» في مواطنها، ومحاولة الإجابة عليها أيضًا، وأن تجرّب استخدامها على نطاقٍ أوسع… لماذا يشتم الناس بعضهم، ولماذا تتحوّل أقوال الأثرياء إلى حِكم، ولماذا أنت موجودٌ في هذه الحياة؟!

الشخص الذي لا يسأل «لماذا» سيقضي حياته يعمل عند مَن يسأل.
جول باركر

تساءلت في العدد الماضي: لماذا يغمض الإنسان عينيه حين يشعر بالخوف أو الأمان؟
وأعجبني من الإجابات:
يتأكد من قلبه — عمار أحمد.
لأنه في الحالتين ينتقل إلى بعد حسي آخر — عمر الأنصاري.
ربما لأنها بوابته للعالم؛ فيحيط بسعادته في الأولى، ويغلقها عن الرعب في الثانية — نهى رضوان.
وسؤالي لك اليوم، لماذا يصرخ الإنسان عند شدة الفرح أو الغضب على حدٍ سواء؟ 🔗
أحببت النشرة؟ ودّك تستمرّ؟ أرسلها إلى ثلاثة أشخاص وتابع لقناة الواتساب ليصلك الجديد.

نشرة بريدية أسبوعية تفكّك ألغاز المحتوى لمَن يخوضون معارك سوداء مع الصفحة البيضاء! 🖋️