طريقتي في استخدام أغبى وأهم مساعد في العالم 🤖
من باب إشعال شمعة -ولعن الظلام أيضًا- أكتب لك اليوم 9 طرق تغيّر طريقة تعاملك مع الذكاء الاصطناعي، وتخفّف صداعك.


مهولةٌ هي كمية الأفكار الخام التي دوّنتها للأعداد القادمة من نشرتي، ولمنشورات لينكدإن وإنستقرام، ومسودات القصص القصيرة لكتابي الثاني والثالث… كمية أجزم بأنها تكفيني مدى الحياة!
أستطيع أن أعلن وصولي إلى «الحرية الكتابية» على الأقل.. (لأن الحرية المالية مطوّلة فيما يبدو.)
ما علينا.
الخطوة التالية -والأهم- هي أن أجد ذلك الكاتب البارع، القادر على إتمام بقية المهمة بنجاح: تحويل أفكاري الخام إلى مقالات ومنشورات وقصص صالحة للاستهلاك الآدمي، عبر فرز المسودات، ومحاولة الكتابة، ثم إعادة الكتابة، ثم إعادة إعادة الكتابة…إلى أن يضيق عليه الوقت فيستسلم للنشر.
لكن بشرط أن يستخدم عقلي! أن أمنحه وصولًا محسوبًا إلى خبراتي وتأملاتي وبعض ذكرياتي، ومطبخ المنطق الخاص بي، وأسلوبي، وتفضيلاتي من المفردات… وغيرها.
فعلى من يجد في نفسه القدرة والكفاءة أن يتواصل معي لأحظره. وصباح الخير. 🌷

من أول يوم دخل فيه الذكاء الاصطناعي حياتنا أيقنت أننا سنتحول من سؤال (لماذا لا تسهل حياتك وتستخدم الذكاء الاصطناعي؟) إلى (لماذا تستخدم الذكاء الاصطناعي وقد أكرمك الله بعقل؟)
يزداد صُداعي كلما قرأت نصًا يتجاوز 100 كلمة، لا يتبنّاها كاتبها (أو ناقلها) ولا تمثّل طريقته وأسلوبه، لكنه مستعجل وكسول ولا يريد أن يُشغل عقله ويبحث ويفكر ويضيف ويحذف ويعدل! (كما كان يفعل سابقًا كلّ يوم).
ومن باب إشعال شمعة -ولعن الظلام أيضًا- أكتب لك اليوم 9 طرق تغيّر طريقة تعاملك مع الذكاء الاصطناعي، وتخفّف صداعك:
قبل البداية جميع هذه الطرق تعمل على افتراض أنك اخترت الشخص الصحيح أولًا، بمعنى أنّك قمّصته دورًا محددًا منذ بداية محادثتك معه، أو رسمت له أُطُرًا واضحة للردود المطلوبة.
1- أسهِب. مهما تطوّر الذكاء الاصطناعي فهو لا يقرأ النية
كلما كانت المدخلات أطول من المخرجات ارتفعت جودة النتيجة. لا تكتب له سطرًا واحدًا وتقول: «اكتب بأسلوب جذاب»، جذاب لمن؟ ما الهدف؟ مستوى النبرة؟ نوع وجنس وبيئة الجمهور؟ ما الميزات والمشاعر والقصص والتحديات وراء فكرتك أو حملتك أو منتجك؟
2- اطلب منه أن يعرف ما لا يعرف
إذا كنت لا تعرف المدخلات بدقّة، اطلبها منه! قل له مثلًا: «ايش المعلومات اللي ما ذكرتها لي وكان المفروض أطلبها عشان تعطيني رد أفضل؟» بهذا تكتشف فجوات سؤالك قبل أن تشتكي من فجوات إجابته.
3- مهما حصل لا تسأله أسئلة عامة
سؤالك العام = إجابة سطحية. جرب أن تطلبه: «اشرح الموضوع الفلاني المعقّد لطفل عمره 5 سنوات» بدلًا من «اشرح الموضوع»، أو أن تسأله: «كيف أقنع امرأةً حامل في الشهر التاسع بهذا المنتج؟» بدلًا من «كيف أقنع العميل بشراء هذا المنتج؟» الفرق شاسع دائمًا في النتيجة.
4- محِّص — غربِل — ارمِ!
في مرحلة العصف الذهني اطلب منه 10 أفكار فأكثر، اختر ما يعجبك منها، واطلب منه التفوق عليها في الرد القادم! لكن حدّد نوع التفوق المطلوب: (أكثر غرابة؟ أكثر عمقًا؟ أكثر ندرة؟ أكثر بلاغة؟ أكثر لطفًا؟ أكثر كوميديةً؟…) واستمتع بالرد المُلهم.
5- صعّب عليه المهمة، و«فضفض بالمرة»
قل له «أعد كتابة هذا النص كأنك لازم تقنع شخص ذكي عنيد مزاجي دقيق شكّاك، وكل جملة لازم تصمد تحت النقد.» وخذ راحتك هنا واكتب كل صفات مديرك. واسلتم محتوى أقوى من المعتاد.
6- هدّده بمستقبله
قل له: «لو كان أداءك في هذا الرد هو ما يحدّد هل ستبقى معي أو سأحذفك من جهازي وأقطع الكهرباء. كيف سترد؟» قد تراها لعبة سخيفة لكنها طريقة مجرّبة لاستغلال غباء وذكاء الآلة.
7- شكّكه في نفسه!
من حسن حظنا أن الذكاء الاصطناعي حتى الآن لا يملك مشاعر كالبشر، جرب أن تكتب له بعد أي رد: «ما هذه الإجابة الغبية؟ هل تريد أن تفضحني أمام مديري؟» إذا ردّ عليك: «أنا آسف يا فلان، فعلًا أفكاري غبية ويبدو أنني ذكاء اصطناعي مازلت أتعلم من البشر.» فاعلم أنك أتيت بعيد الأضحى قبل أوانه.
8- الخطوة الأهم: كيف تفرز إجاباته؟
كلما طلبتَ منه الإجابة على دفعات كان أفضل، وكلما أعطاك مجموعة أفكار اختر واحدة ووضّح له سبب إعجابك بها وسبب تجاهلك للبقية. وإذا أعجبك رده وهممت بالنسخ قل له: «اكتب ردّك من جديد بنفس المعنى لكن كأنك مُلزم بعدد كلمات قليل.» الرد الثاني غالبًا سيكون أنظف.
9- احذر الفخ: فقدان القناعة
إذا بقيت تردّد عليه «جوابك سيئ، غيّره» سيغير ويبدّل إلى مالا نهاية، وسيبتعد عن مرادك بقدر ما اقترب منه. ولن يقول «لا، هذه النسخة هي الأفضل. أوصيك بأن تبني عليها عملك.» فهو عديم الرأي والذائقة والبصيرة، وهذا هو الفرق الأبديّ الوحيد بيننا وبينه.
والمعيار الجوهري الذي يلخص كل ما سبق:
حين تعطيك الآلة فكرةً أو نصًا أو مقترحًا أو صياغةً لتعليق أو خطاب أو حتى اختراع… اسأل نفسك: هل أنا فعلًا أتبنّى هذا الكلام؟ هل كنت سأكتب شيئًا شبيهًا بهذا في زمنٍ قادم أو بُعدٍ آخر لو لم أملك آلةً مطيعةً لعينة؟ إذا كانت إجابتك تقترب من «نعم» فانسخ على بركة الله، وابدأ رحلتك الخاصة في إعادة صياغة كل ما قدّمه لك وكأنه من بَنانك وبنات أفكارك. وتذكّر أن وظيفة الذكاء الاصطناعي حفظ وقتك، لا اتخاذ القرارات وأداء المهام بدلًا منك.

أفضل طريقة للدفاع عن اللغة العربية هي أن تستخدمها جيدًا. أن تفكّر بها، وأن تحب حبيبتك بها، وأن تنزل إلى الشارع بها، وأن تكتب معادلة كيميائية خارقة بها، وأن تشتم بها.
محمد عبدالباري — بتصرف

من بين ثمانين مشاركًا في اختبار الكاتب الواعي (بالعدد السابق) أحرزت حصة سعد وإيلاف الصوينع الدرجة الكاملة. فهنيئا لهما. 🎉🎉
وسؤالي لك اليوم: ما وجه الشبه بين البشر والبشرة؟

لا أحبّ تبادل المنفعة في التوصيات، فالأصل أن أوصي بالأشياء التي ألحظ تميّزها، وأن توصي أنت بنشرتي إن رأيتها نافعة ومميزة (وكنتَ نافعًا ومميزًا). ثم بعد أن نوّهت «نشرة أها» بنشرتي، هداني الله، واستوعبت أن عدد مشتركي نشرتي أقل من 0.5% من عدد مشتركيها، وأنها من أوائل النشرات العربية الملهمة لي وللآلاف… فعُدت إلى الواقع وجعلتها توصية الأسبوع لمن لا يعرفها (وفاته الكثير).
أفادتك النشرة؟ ودّك تستمرّ؟ أرسلها إلى ثلاثة أشخاص قد تفيدهم وشكرًا. 💙

نشرة بريدية أسبوعية تفكّك ألغاز الكتابة لمَن يخوضون معارك سوداء مع الصفحة البيضاء! لن أعطيك نصائح سطحية ولا حِكم مكررة، بل أفكارًا حادّة، وأدوات مجرَّبة، تساعدك في شحذ قلمك وسنّ أفكارك. 🖋️