لماذا فشل الذكاء الاصطناعي في التفوق على الكاتب؟ 🦾
كنتُ وسأظل من أكثر الناس إعجابًا به في الأدوار التي يبرع فيها، وقد حصرتُها في مجالاتٍ خمسة ضمن عملية الكتابة.

عندي لك اليوم ثلاث نصائح:
لا تنسخ من الذكاء الاصطناعي.
لا تنسخ من الذكاء الاصطناعي.
لا تتهاون في تطبيق النصيحتين السابقتين.
ولا تسألني ليش، صباح الخير. 🤝

كان يا ما كان في يوم الأربعاء الماضي، قدّمتُ أمسيةً أكرمني بحضورها مجموعة من الأصدقاء والكتّاب، ناقشنا فيها الفوارق والمشتركات بين الكتابة الأدبية والتسويقية، وتبادلنا من المعارف والتجارب والآراء ما لا يمكن أن يحدث بهذا الزخم إلا في اللقاءات الحيّة الحضوريّة. ومن عجيب ما حدث أنّ المحور الثالث من أمسيتنا «توظيف الذكاء الاصطناعي في الكتابة» لم يكن مجرّد محور، بل بوّابةً لنقاشٍ تبايَنت فيه الآراء، أو هكذا ظنّنّا.
كلّ من يقرأ لي أو يعمل معي يعلم تجريمي للنسخ المباشر مما تلفظه نماذج الذكاء الاصطناعي، وما تبنّيتُ هذا الرأي إلا بعد أن أدمنت الاستعانة بتلك النماذج في التفكير والكتابة والتجسيد بأنواعه، وعرفت مداخلها ومخارجها، وأفخاخها وألغامها. ولأني لستُ جيدًا في المناظرات الصوتية ومقارعة الحجة بالحجة والقوارش بالقوارش، رأيت أن أكتب في مساحتي المفضلة —في أرضي وبين جمهوري— ما أراه صوابًا يحتمل الخطأ، وأفنّد آراء غيري التي أراها خطأً يحتمل الصواب.
فإن قال قائل: رغم أنّ الذكاء الاصطناعي في بداياته، إلا أنّه أثبت قدرةً مذهلة في التصميم والرسم والتحرير والتحريك، بل في التلحين والعزف والغناء وصنع الفيديوهات التي لم نعد نفرّق بينها وبين الحقيقة! وأنت تعتقد أنّه سيعجز عن أكثر مهمة يمتلك رصيدًا هائلًا من بياناتها؟ الكلمات والكتابة؟!
قلت: امتلاك الذكاء الاصطناعي لكمٍّ هائل من النصوص لا يعني امتلاكه لتجربة الكتابة نفسها، وقد يعرف ما كُتب، لكنه لا يعرف لماذا كُتب. وما تفوّق في تلك المجالات إلا لأنّها تعتمد على التقنيات أكثر من الأفكار، وتتعامل مع مخرجات سهلة القياس والتقييم. ومع ذلك، من الصعب أن يُنتج عملًا بديعًا إلا بعد أن يُغذّى بأوامر ذكية ودقيقة (مكتوبة). فتأمّل.
وإن قال قائل: إذن أنت ضد استخدام الذكاء الاصطناعي؟ ولن تستخدمه؟
سأعيد وأكرر: كنتُ وسأظل من أكثر الناس إعجابًا به وتوظيفًا له في الأدوار التي يبرع فيها، وقد حصرتُها في مجالاتٍ خمسة ضمن عملية الكتابة: تفكيك الأفكار، توسيع الاحتمالات، كشف الزوايا العمياء، البحث السريع في مصادر المعرفة، المرادفات اللغوية. ولاحظ أنّ كلّ دورٍ من هذه قد «يأتي بالعيد في غير أوانه» إن لم تدقّقها من بعده، وتبحث وتتثبّت، وتسيء الظنّ بإجاباته، وتحذف منها أكثر ممّا تقبل.
وإن قال ثالث: لا تحجّر واسعًا، دع الناس يكتبون براحتهم وحرّيتهم، ليس كلّ الناس كتّابًا وأدباء!
قلت: من البديهي أن نفرّق بين شخص يقتات على الكتابة ويأخذ أجورًا عليها، وبين مهندس أو طبيب أو نجّار، فلا هو يتقن الصياغة المقبولة، ولا الكتابة شغله، وكلّ همّه أن يزيد منشوراته كمًا ونوعًا. وكلاهما حُرّ في فعله، إلا من اختار أن يأخذ بقولي.
أما إن قيل: كيف تجرؤ على الحكم على المستقبل؟ هل كنت تتخيّل -مجرّد تخيُّل- قبل عشرة أعوام بعض قدراته الحالية؟ وهل تخيّل البشر قبل ألف عام إمكانية وجود الإنترنت بتقنياته الحالية؟ و…
فسأبتسم وأقول: القول باحتمالية تطوّر قُدرات الذكاء الاصطناعي إلى درجة فهم السياقات الإنسانية، وترتيب الأولويات، ينقله إلى درجة الوعي، التي تطابق فيها الآلات قدرات البشر التي اختصّوا بها من وعيٍ وإرادةٍ وتناقضٍ وتبريرٍ وتغييرٍ للآراء واختلافٍ بينهم وتفاوتٍ في العقول والأفهام والطّباع والنّوايا… وإذا استطاع الكتابة مثلما يكتب البشر فهو يماثل وعيهم، وهذا ينهي الفرق بين البشر والآلات والعياذ بالله.

«لقد ظلّ البشر لعقود يسرقون من بعضهم النصوص والأفكار من باب الكسل والتسلّق على نجاحات بعضهم، حتى جاءت آلة لعينة سهّلت لهم نوعًا مختلفًا من السرقة، تُستغلّ فيه قواعد بيانات هائلة لإنتاج أفكار لا نهائية عديمة الوعي.»
بولمان سبارك

سُئلنا الأسبوع الماضي: لماذا نميل إلى الجمال؟ فكان ممّا قيل:
لأنه انعكاس للاكتمال، لا يوجد في الدنيا كمال لكن الجمال موجود ونشوته موجودة — مرام المشاري.
لأنه الشيء الذي نستطيع الميل له دون حاجة للمنطق — مروج الجيش.
الجمال يشبع حاجاتنا الغير محكية — سمارا سعيد.
لكي نواجه قبح الحياة — بدور حسن.
سؤالي لك اليوم، لماذا يشعر الإنسان بغصّة في حلقه حين يحزن؟ 🔗
أجب عليه واكتب لي أهم أسئلتك لأجيب عنها في العدد (الثلاثين) القادم. 👋
أعجبتك النشرة؟ ودّك تستمرّ؟ أرسلها إلى ثلاثين شخص وتابع قناة الواتساب ليصلك الجديد.

نشرة بريدية أسبوعية تفكّك ألغاز المحتوى لمَن يخوضون معارك سوداء مع الصفحة البيضاء! 🖋️