العدد العشرون: أهمّ أسئلتكم وإجاباتها 📮
عن أسلوب الكاتب وصوته الخاص، ومتلازمة المحتال، والمثالية والحب ومستقبل الآلة، والمزيد…


قلت إنّي سأجيب على أسئلتكم كلّ عشرة أعداد! وظننت أنّ الموضوع سهل: تنتظر تسعة أعداد فتجمع تسع مجموعات وتجيب عنها في العدد العاشر!
لكن لما بدأت فوجئت باختلاف بديهي وعجيب:
حين تجمع أسئلة الأعداد من (1-9) فأنت تجيب في العدد العاشر عن أسئلة تسعة أعداد.
وحين تجمع أسئلة الأعداد من (10-19) فأنت تجيب في العدد العشرين عن أسئلة عشرة أعداد!
وهكذا الحال في العدد الثلاثين. كيف حصل هذا الاختلاف؟
الفرق هو عدم وجود العدد صفر في العشرة الأولى. الصفر موجود كرقم، لكنّه بلا قيمة.
هل أوجده الله في الكون لنُدرك أنّ بعض الأشياء موجودة بالضرورة، لكنّها -منفردةً- بلا قيمة؟! صباح الخير.

سأل وافي: تأثراً بعملي، مهما حاولت اكتب بأسلوب بسيط او أسلوب مرح، اجد نفسي اكتب بأسلوب رسمي وكأن لن يقرأ لي إلا فضيلته.
(لن يقرأ لي إلا فضيلته) هذا التعبير يدلّ على أنّك تملك من الظرافة ما يجب توظيفه في الكتابة، ووصيّتي لك: اكتب نصوصك كاملةً كأنّك تحكيها لصديق، وإن اضطررت سجّلها صوتيًا قبل أن تحوّلها إلى نصوص مكتوبة، ثم أعد الصياغة دون تكلُّف أو تصنُّع.
سألت بدور: هل ترى أن مجال كتابة المحتوى سيظل مطلوب مستقبلًا؟
مع دخول منصات التواصل الاجتماعي ازداد الطلب في العقد الأخير على كتّاب المحتوى، ومع توغّل الذكاء الاصطناعي سيزداد الطلب على كتابة المحتوى (الحقيقية).
سألت العنود عن: إنتاج أفكار إبداعية زي الشطورين الذين يفكرون خارج الصندوق، وشيئًا فيشيئًا، صعوبة عثوري على بوصلتي النقدية لأحلل النص وأنقده وأفككه. بالمختص التفكيرين الإبداعي والناقد بحاجة إلى الدعم!
اتركي الصندوق جانبًا، تعاملي مع الموضوع على أنه سطح وعُمق، سطح الأفكار هو ما يصل إليه معظم الناس. أما العميق منها فيحتاج إلى التشبّع من السطح أولًا، والتأمل الدقيق في الهدف والمستهدفين من كلّ فكرة وخطوة، وسؤال «لماذا» سبع مرات متسلسلة على الأقل قبل الشروع في الكتابة، ومنح الوقت اللازم للكتابة البطيئة، والدعاء بسعة الرزق. 🤲
أما التحليل والتفكير الناقد فهو ابتلاء، ونتيجة طبيعية للخطوات السابقة. وهناك من يُولد موهوبًا بهذا كله ويفشل؛ لأنه لا يملك «الصملة».
سألت سارة: في كثير من الأحيان أحس أني "أخفي عمقي" عشان أتكلم بلغة الناس. متى يكون هذا ضروري؟ ومتى لازم أقاومه؟
إذا كان هذا في صعيد اجتماعي وأسري فلا بدّ منه للبقاء على قيد الحياة. وإن كان في صعيد المهنة فلن تصعدي إلى مكان إلا بمقاومة الشكّ والإفصاح عن آرائك عميقةً كانت أم سخيفة وبلُغتك الطبيعية.
سألت جود: وش أخطر شيء ممكن يؤدي إلى خسارتك للجمهور، هل هو الموضوع اللي اخترته أو طريقة تلقي الجمهور للفكرة.
الموضوع الذي تختاره، وطريقة طرحك له، هو ما يحدّد طريقة تلقّي الجمهور. وحين يصبح الجمهور (كلّ همك) ستخسره وتخسر نفسك مع مرور الوقت.
سألت نوف: مشكلة كانت ستعيقني لولا استخدامي للفراسة والتكهّن أحياناً: العميل الذي لا يقول ما يريده -وربّما لا يعرفه- ويريدك أن تعرف أنت ثم تكتب.
لا داعي للفراسة والتكهّن، نحتاج أن نُدرك فضيلة السؤال وفضيلة تكراره. العميل -والمدير أحيانًا- لا يعرف ماذا يريد، ومهمّتك أن تساعده على معرفة احتياجه ثم التفكير في أفضل طريقة لتحقيق أهدافه.
سألت أميرة عن: غياب الصوت المميز؛ المحتوى يبدو عام أو مكرر، ما فيه بصمتي الخاصة. كيف يجد الكاتب صوته الخاص وبصمته؟
الإجابة معقدة لكنّي تذكرت مقولة لأحد أساتذتي في الكتابة. في أول يوم ضمن دورة تدريبية باهظة الثمن قال: «إذا لم تجد فائدة من وجودك هنا إلا معرفة أنّك في المكان الخطأ لكفى.» أحيانًا نحتاج أن نتوقف ونأخذ «يوتيرن». أعتذر إذا كانت إجابتي محبطة لكن أعتقد أنّ الكاتب لديه نظرة مختلفة ودقيقة لتفاصيل الحياة تجعل صوته المكتوب أقوى من أصوات الآخرين المسموعة.
سألت ابتسام: هل كتاب المحتوى أكثر عرضة لما يُعرف بـ «متلازمة المحتال»، خصوصًا في ظل استعانة البعض منهم بأدوات الذكاء الاصطناعي؟
معظم من يشعرون بمتلازمة المحتال هم غير المحتالين، والعكس صحيح، المحتالون لديهم مناعة قوية ضدّ الشك. أما الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الكتابة فهو احتيال وبخس للعقل البشري.
سألت غالية: هل كاتب المحتوى مفروض يكون فنّان بمعنى، مع التطوّر اللي قاعد يصير ووسائل الإنتاج الإبداعية المتعددة والذكاء الاصطناعي هل جاء الوقت إن كلنا "الكرييتف" نكون تحت مسمى واحد؟ نفكر نكتب نصمم نخرج؟
هذا سؤال يحمل جوابه. الكاتب هو صاحب الفكرة وصانع الخيال، قد يستطيع مع مرور الوقت الاستغناء عن باقي شركاء الصناعة. بينما المخرج أو المحرّر أو المصوّر لن يستطيع العمل دون كاتب، حتى بعد ألف سنة ذكاء اصطناعي. فهي مسألة وقت ونسيطر على العالم. 🤛🤜
سألت كوثر: كيف نكتب حقًا لمن لا يقرأ، او لمن ينفر من النص بدافع الملل.هل مسؤوليته الشخصية تقع على عاتق الكاتب ؟
سؤالٌ شائك. أعتقد أنّ من يقرأ ليتعلّم عليه أن يتحمّل قدرًا من الملل، مثل كلّ الإنجازات التي لا يمكن تحقيقها إلا بالتغلّب على الملل الذي يصاحبنا في الطريق إليها.
لكن تفضيل الكتابة بمتعة يشبه تفضيل «الدايت» بمتعة، هو أكبر عامل يساعد الكاتب والقارئ على الاستمرارية. وبلا شكّ، مَن يكتُب بمجهود واستمتاع، ستُقرأ نصوصه باستمتاع عند من يتذوّقها، وما الناس إلا أذواقٌ مختلفة.
سألت تقى: كيف نحول المواضيع المملة لممتعة عند الكتابة عنها؟
الجواب في الفقرة الثانية من الجواب السابق.
سألت حنان: هل الحب يحد من القدرات العقلية ويجعلنا أغبياء؟
ظننت أنّ هذا السؤال لا علاقة له بالمحتوى، ثم تأمّلت ووجدته ذا علاقة. نعم، أعتقد أنّ من يحبّ حقيقةً لا يستطيع الكتابة عمّن يحب.
سألت رهف: كيف ننسَلّ من باب المثالية؟ لا سيما في عالم الكتابة الإبداعية. / كذلك كيف نحطّم صنم التشكيك الذاتي الذي يتعالى صوته الأصمّ أثناء عملية الكتابة؟
السعي للمثالية والتشكيك في الذات وجهان لعملة واحدة، وعمومًا: أستطيع تجويد أفكاري وتطويرها إلى اللانهائية وما بعدها. وأستطيع سلْقها في دقائق. الموازنة بين الأمرين تعني الوصول إلى نقطة يصبح فيها النصّ جاهزًا للتسليم (رغم أنه قابل للتطوير) في موعد لا يبتعد كثيرًا عن الوقت المتفق عليه للتسليم. شخصيًا أميل للتأخر في التسليم إذا كان الموعد مرنًا، وكان المُخرَج مُسكِتًا لأي عتب. وهذا العامل يتطلّب بذل الجهد، قد تشكّك في نتيجتك لكن لن تشكّك في جهدك، ولكلّ مجتهدٍ نتيجة.
سألت منى: الاشتراك في الأهداف والتوجهات في كتابة المحتوى هو المفتاح لمشروع ناجح وعظيم فكيف يمكن أن نلاقي اللي يشبهنا في هذا المجال؟
أختلف مع المقدمة، معظم النجاحات والابتكارات والإنجازات التي حققها البشر على مرّ التاريخ «فردية» وجاءت نتيجة العزلة. وهذا لا يتناقض مع الاستفادة ممّن سبقنا أو تفوّق علينا في المجال، خصوصًا إذا كان لا يشبهنا!
سأل أحمد: كيف تجيب معلومة مختفية عن انظار الناس أو تلتقط زاوية أخرى لتتحدث عنها في نفس الموضوع الذي يهم الناس؟
اطرح الأسئلة التي يظنّها الناس غبيّة أو يخجلون من طرحها، وابحث وتأمّل في هوامش الأشياء والمجتمعات والأفكار، وأكثِر من سؤال «لماذا» وابحث عن إجاباته المتعددة.
سألت كوثر: كيف لا أهدر روح نصي بالبهرجة القاتلة ،و لا أشتته بتشتتي؟
أنا من مدرسةٍ ترى أنّ المعنى أهم من المبنى، وأنّ صفاء الذهن ينعكس في صفاء النص.
سأل عبدالله: كيف تبتكر اسلوبك الخاص وتحافظ عليه وتتأكد انك لم تسرقهُ دون وعي من كاتب آخر. وكما يقول أهل الأدب: الاسلوب شرف الكاتب.
بدايةً أقترح عليك يا عبدالله أن تسرق الهمزات من أيّ كاتب آخر، لأنّ غيابها مستفز لـ99% من قرّاء نشرة قوارش. أمّا عن أسلوب الكاتب فاكتب واكتب واستمرّ وكرّر حتى تنفض عنك ظِلال الآخرين.
سأل عبدالعزيز: انا اقدر اراجع وانتقد واطور المحتوى ولكن كيف اعرف اكتب؟
الجميع يقدر أن ينتقد ويراجع وينظّر ويتفلسف… هذه ليست ميزة. لكن إذا كنت تطوّر المحتوى فعلًا وشهِد لك سبعة ثقات بذلك، فأنت قادر وعارف بالكتابة، تخلّص من الكسل فقط يا صديقي.
سألت أفنان: عن الثقة في عرض كتاباتي بشكل عام وخاص + إقناع الناس بمهاراتي الإبداعية.
كلّ نص تعرضيه يقوّي عضلة حضورك الواثق، وكل نقد حقيقيّ يصلك يطوّر لياقتك الإبداعية. ويتطوّر الكاتب (والفنان عمومًا) بمدى قدرته على الفصل بين شخصه وعمله.
سألت فوزية: أكثر مشكلة تواجهني في كتابة المحتوى تحوّل النص للأسئلة بدل الإجابات.
لم أفهم مجال سؤالك بدقة، لكن الأسئلة لم ولن تكون مشكلة أبدًا. هي بوّابة لكل النصوص والحقائق والغايات في هذا العالم.
سأل محمود: كيف تصنع نشرة قوارش؟
وأجبت عنه في تدوينة سابقة هنا.
إذا سألت ولم تجد سؤالك ولا جوابه، فاعلم أنّه سيكون في عددٍ مستقلّ قادم بإذن الله.

«إذا ركبت القطار الخطأ حاول أن تنزل في أول محطة؛ لأنه كلما زادت المسافة زادت تكلفة العودة!»
دوستويفسكي.

سألت الأسبوع الماضي ببساطة: لماذا يتعامل البشر مع صراخ المغنّي كفنّ؟ 💥
وأعجبني من إجاباتكم:
الصُّراخ لغة أمّ؛ والفن وحده من -تقبّلها- وأدرك عُمقها. — غالية فهد
الصراخ مرتبط بالضعف، لكن حين يصرخ المغني نراه كتمرد على الصمت دون أن نربطه بالضعف. — جود العمري
قد يرون فيه محاكاة لصرخات أرواحهم "المكبوتة" أو "المقموعة" — أفنان أحمد
لانه يزيد الأدرنالين مثل القير العادي اذا عشقت بالثاني وارتفع صوت التفحيط. — عبدالعزيز عبدالله (أضحكتني فأجبرتني أضيف إجابتك يا رجل!)
وسؤال الأسبوع القادم، لماذا يهرب العقل إلى الماضي قبل النوم؟ 💭
أعجبتك النشرة؟ ودّك تستمرّ؟ أرسلها إلى ثلاثة أشخاص قد تفيدهم وانضمّ لقناة الواتساب وشكرًا. 💙

نشرة بريدية أسبوعية تفكّك ألغاز المحتوى لمَن يخوضون معارك سوداء مع الصفحة البيضاء! 🖋️