كيف أصطاد أفكار نشرتي ومنشوراتي؟ 🤏

عن الإلهام وطقوسه، و«حالة التدفق» التي تصيب الكاتب، وكيف أصطاد الفكرة وأغذّيها ثم أطلقها. 🕊️

الشفافية ميزة؛ تمكّن الجميع من فهمك. وعيب؛ يمكّن الجميع من رؤيتك.

صباح الخير!


بعض الأسئلة التي تصلني أدّخرها إلى العدد العشرين، وبعضها يستحق الإفراد في تدوينةٍ مستقلّة كهذه، مثل سؤال «كيف تطلع بأفكار مدوّنتك؟»، والجواب المختصر موجود في السؤال نفسه «مدوَّنتي». ولا أقصد هذا الموقع الذي أكتب فيه وأرسل منه، بل مساحات الفوضى الخلّاقة التي أدوّن فيها خواطري وأصطاد أفكاري. تحديدًا تلك الأفكار التي تداهم عقلي فجأةً، قبل النوم أو أثناء القيادة أو العمل أو الرياضة أو الاستحمام أو الشجار مع قطة في الشارع أو كلب عند أحد التقاطعات المرورية.

المهم أن أعامل كلّ خاطرة معاملة «الكنز المؤقت» الذي يجب عليّ تقييده بتسجيلٍ صوتي في أقرب مكان وأسرع زمان، سواءً كان ملاحظات الجوال أو قروب الواتساب المفضّل بيني وبين نفسي. وأترك الحكم على صلاحية تحويلها إلى قصة قصيرة أو مقالة طويلة أو فكرة إعلانية أو ورشة تدريبية… إلى وقتٍ آخر، فهذا وقت الاصطياد والتكبيل فقط، وكلّ خاطرة وكلّ فكرة تستحق التدوين إلى أن يثبُت العكس، وسأوضح لك بعد قليل كيف يثبت العكس، لكن كأنّي بك تسأل، لماذا تسمّي خواطرك كنزًا مؤقتًا؟

اسمح لي أن أقسّم الإجابة إلى جزأين، لماذا كنز؟ ولماذا مؤقت؟ 

كنز؛ لأنّها مفتاحٌ ذهبي يوهم عقلك بامتلاكه فكرةً جاهزة بقراطيسها، وكلّ ما تحتاجه أن تجلس في خلوة كتابية لساعةٍ أو ساعتين أو ثلاث وتكتب. بهذه البساطة! وهذه الحيلة تنجح غالبًا، رغم معرفتك أنّ الصعوبة ليست في إيجاد الأفكار وتحديد الرسائل، بل في عملية الكتابة المعقّدة، وربط الأفكار ببعضها وتقديمها في قالبٍ جذاب ومختلف. وصَدق القائل «النفسُ كالطّفل».

طيب لماذا مؤقت؟ لأنّ كثيرًا من الأفكار تُثبت عدم صلاحيتها حين أجلس بنيّة الكتابة عنها، وبعضها تُدمج مع خواطر سابقة اختلفت عنها في الشكل وتشابهت في المضمون. والقليل منها فقط تتحوّل إلى كنزٍ حقيقي حين تتعرّض للطقوس التالية:

أجلس منفردًا، أمام طاولة يتراوح ارتفاعها بين 72–75 سم، بعد نوم لا يقلّ عن ستّ ساعات، وصيامٍ عن الأكل يتراوح بين 14-18 ساعة. ثم أغلق إشعارات العالم ومشتّتاته، وأبدأ بكتابة كلّ ما يخطر ببالي حول الفكرة أو الموضوع، حتى أصل إلى «حالة التدفق»! وهذه الحالة لا أملك وصفًا أو تعريفًا دقيقًا لها، ولا أدري إذا كنت الوحيد الذي يؤمن بوجودها. لكنّني أشعر بها بعد مرور 10-20 دقيقة من بداية الطّقس الموضّح آنفًا. وحين لا أشعر بالتدفّق -حتى بعد ضبط العوامل الأخرى- أدرك أنّ هذه الفكرة لم يُكتب لها القبول والنشر، فأحدّ السّكّين وأذبحها على القبلة. 🔪

أما إذا تدفّقت الأفكار واسترسلتُ في استخراج كلّ ما بعقلي كما لو أنّني أحدّث صديقًا مقرّبًا بلا فلاتر، أبدأ المرحلة الأهمّ «إعادة الكتابة»، وفيها تبدأ الكتابة الحقيقية، عملية مجهدة أضيف فيها نصوصًا وأرمّم أخرى، وأمارس قاعدتي المفضّلة «ما يُمكن حذفه يجب حذفه» محاولًا الخروج بنصٍّ بشريّ متماسك، يقول كلّ ما أريد قوله، سواء كان مئة كلمة أو ألف كلمة أو كلمتين.


«الإلهام موجود دائمًا، لكن يجب أن يلقاك منهمكًا في العمل!»

بابلو بيكاسو


سألنا في العدد الماضي (لماذا يخاف الإنسان من التغيير؟) فأعجبني من الإجابات:

  • لأن الإنسان عدوّ مايجهل. — ساهر عايض

  • لأنه يطالبنا بموتٍ صغير قبل كلِّ ولادة. — أسماء الخالدي

  • لأنه يخاف من الشخص الذي سيصبح عليه. — هاجر أحمد

  • لأن آماله تفوق التغيير ثقلا، والسقوط عليهما مرير. — كوثر العوادي

  • دماغنا الانطوائي لا يرحّب بضيوف الفجأة. — تقى البوش

  • أنا لا أخشاه، بل أتصارع معه حتى نصبح أصدقاء. — وليد إبراهيم

سؤال اليوم أجب عليه بفلسفتك الخاصة في أقصر نصٍّ ممكن:

لماذا يمسك الإنسان رأسه حين تنزل عليه مصيبة؟ 💢


أفادتك النشرة؟ تودّ أنّها تستمرّ؟ أرسلها إلى ثلاثة أشخاص قد تفيدهم وشكرًا. 💙

الكتابةالإلهامالإبداع
نشرة قوارش
نشرة قوارش
كلّ سبت

نشرة بريدية أسبوعية تفكّك ألغاز المحتوى لمَن يخوضون معارك سوداء مع الصفحة البيضاء! لن أعطيك نصائح سطحية ولا حِكم مكررة، بل أفكارًا حادّة تساعدك في شحذ قلمك وسنّ أفكارك. 🖋️