نظرية فضل شاكر ❤️‍🩹

عن الجانب المظلم للفنّ وسبب ميل كثير من المبدعين للعزلة وسهولة إصابتهم بالاكتئاب.

‏البشر لا يتغيرون. حين يخبرك أحدهم أنه تغير لا تصدقه؛ إن تغيَّر فعلًا فأنت من سيلاحظ ذلك ويخبره. صباحك خير.

ولا تنسَ الانضمام لقناة الواتساب ودعوة أصدقاءك وجيرانك وأحفادك لها إن لم تفعل.


ثلاث دقائق، هي المدة التي أحتاجها في أيّ مقابلة لكي أعرف أنّ الشخص الماثل أمامي مبدع. وما أستطيع قياسه في الثلاث دقائق ليس إلمامه بالصناعة الإبداعية أو المبادئ التسويقية أو الأدوات الكتابية فحسب، بل لأكتشف مدى حساسيّته تجاه الأشياء والأشخاص والأفكار!

قبل أيام سمعت لقاءً لفنّانٍ كوميدي لا يُضحكني، لكن له جمهوره. يقول فيه ما معناه «إنّ الكوميديان إنسان مكتئب لأنّه يلاحظ أشياء دقيقة لا يلاحظها غيره، تؤلمه فيكتب عنها باستخفاف وهزل ليتحرّر من هذا الألم.» ولهذا أعتقد أنّ لكلّ فنّان نصيبه من دقّة الملاحظة، وحساسيّة استقبال وقراءة الأشخاص والأفكار والمواقف.

فمثلًا، الطبّاخ لن يجيد الوصفة ما لم يملك براعم تذوّق تفوق ما يملكه الآكلون.

العازف لن يشدّ مسامعك إلا بعد أن يشدّ أوتار روحه مع شعورٍ عميق يجب أن يحوّله إلى نغَم.

الممثّل لن يقنعك بصدق الشخصية إلا حين يحسّ بتفاصيلها الدقيقة ويجسّدها في لغة جسده وعينه ونبرة صوته وردود فعله. وهذا ما يعبّرون عنه بقولهم «يصبح الممثّل ممثلًا حين يتوقّف عن التمثيل».

وكذلك الحال مع فضل شاكر -صاحب نظريّتنا اليوم- فهو لم يصل إلى هذه الجماهيرية ووصف محبّيه له بـ«ملك الإحساس» إلا لأنه حسّاس جدًا! حتى حين اندلعت الثورات العربية، قاده فرط إحساسه بالأحداث إلى التحوّل الحاد، الذي لا يزال يدفع ثمنه.

لا ينجو الفنّان -أيًا كان مجاله- من فرط الإحساس. فكل تجربة قاسية، وكل لحظة فقد، تعيش داخله أطول مما تعيش عند غيره. وقد تكون كالجرح المفتوح الذي يمده بالصدق، ويستنزفه. وكلما زادت حساسيته أصبح أسيرًا للتفاصيل التي لا يجد من يشاركه الإحساس بها، ورهينًا لمشاعر تتضخّم وربّما تبتلعه. ولهذا تلاحظ ميل كثير من المبدعين إلى العزلة وسهولة إصابتهم بالاكتئاب.

هل ما زلت تنتظر مني أن أخبرك أنّ نجاح المبدع، مؤلّفًا كان أو مخرجًا أو مصوّرًا… مرهون بحساسيته؟

حين نعرّف الإبداع لغةً فهو مشتقّ من الخلق، ولا يمكنك أن تخلق شيئًا مختلفًا في مجالٍ معين إلا حين تعرف وتدقّق وتحلّل ما هو عليه اليوم، وتتأمّل ما فعله الأوّلون، وتدرك مواطن الخلل فيه وتضيف عليه وتحذف وتعدّل إلى أن تصل لنسختك الخاصة المبنية على إحساسك (المبرّر). وأؤكد على جزئية التبرير حتى لا يظنّ أحدٌ أنّني أناقض كلامي في تدوينة سابقة عن الحكم على الأعمال الإبداعية. 🙃

وبالمثل، إذا كنت كاتبًا لا تلاحظ البديهيات، وتتأمّل الموجودات، وتحارب الكليشيهات، وتبتدع في المبادئ والنظريات… فأنت وقارئك (متذوّق طبختك) سواء. أما إذا كنت من المتفاخرين بحساسيّتك العالية للأشياء والتقاطك السريع للأفكار فاستعدّ لدفع ضريبة لا تقلّ ألمًا عن سماع أغاني فضل شاكر الأخيرة.


«إن لم يوسّع الفنّ حدود التعاطف الإنساني، فلا نفع له من الناحية الأخلاقية

جورج إليوت.


سألت الأسبوع الماضي عن سبب «كياتة» الناس حين يمشون بأقدامهم، وشراستهم حين يتواجهون بسياراتهم؟ وكانت الإجابات حافلة، أشكركم عليها، وأذكر منها:

  1. لأننا حين نمشي نرى بعضنا كأشخاص، وحين نقود نرى بعضنا كعوائق. — آية بدر

  2. لأن الإنسان كلما علا عن الأرض استعلى. — هشام رسلان

  3. وهم السلطة ،ذلك المقعد يخدع الكثير. في حين السير بأقدامهم يجردهم. — وعد البراهيم

  4. لأن وجوه المارة تذكرنا بإنسانيتنا. — شيماء مصطفى

  5. لسرعة الحدث وسهولة الفعل، تمامًا مثل منصات التواصل. — ساهر عايض

  6. لأن البنزين يرفع الأدرينالين بينما المشي يُعلّي السيروتونين. — مروة محمود

سؤال اليوم أجب عليه في أقل من عشر كلمات: لماذا يتعامل البشر مع صراخ المغنّي كفنّ؟ 💥


أعجبتك النشرة؟ ودّك تدعمها؟ أرسلها إلى ثلاثة أشخاص قد تفيدهم وشكرًا. 💙

الإبداعالفنالكتابةفضل شاكر
نشرة قوارش
نشرة قوارش
كلّ سبت

نشرة بريدية أسبوعية تفكّك ألغاز المحتوى لمَن يخوضون معارك سوداء مع الصفحة البيضاء! 🖋️