المراحل الأربع للحُكم على الأفكار الإبداعية ✊
يمرّ الواحد منّا بمراحل عامة في حُكمه على الأعمال ومستوى الإبداع فيها، وألخّصها في أربع مراحل.


أهلًا بك، معك أخوك المبدع نواف قوارش. 🤝
تخيل لو أني وصفت نفسي بهذا الوصف. ما شعورك تجاهي؟ وماذا سأبقي للناس الذي يرغبون في (مدحي) أو (مجاملتي)؟
أظنّ أنّ آفة الذكاء والإبداع واللِّين والحكمة والكرم وكل الصفات التي يتصف بها أي شخص هي الغرور. أن يعرف، فيغتر، فيفصح عن مميزاته ويتعامل مع الآخرين بناءً عليها، بدلًا من أن يشكّك في فضائله، ويترك لهم فرصة أن يُلبسوه هذا التاج. وصباح الخير متأخرًا كعادتي مؤخرًا.

من السهل أن أقول لك إنّني مبدع، وأقنعك بذلك وأثبته بالأدلة والبراهين، لكن من الصعب إقناعك بأنّني منصف مع الأفكار التي تُعرض أو تمرّ عليّ، وأنّي لا أربطها بالأشخاص الذين صدرت منهم، وأنها تخضع لنظرتي للحياة، وأسلوبي الخاص وتفضيلاتي المزاجية! بل وطريقتي في الكتابة والتفكير ووضعي لنفسي مكان الشخص الذي أحكم على عمله ومحاكمته بناءً على ذلك.
أعتقد أنّ جزءًا أصيلًا من شخصية المبدع يظهر من خلال حُكمه على الأعمال التي يقرأها أو يشاهدها.
هل هي إبداعية أو تقليدية؟ هل هي مثيرة للشعور المطلوب سواءً كان الضحك أو الانبهار أو الفخر أو حتى الاستفزاز؟ هل يملك سببًا كافيًا للحُكم على الفكرة أو أنّه فقط «يحسّ» أنها «ماش»؟
وهل إحساس المبدع يكفي؟ لحظة.. كيف عرف أنّه مبدع؟ هل اكتسب الإبداع بالوراثة أو أُجيز من كبار المبدعين؟ أو أنّ جماهيريته تكفي؟… الأسئلة كثيرة ولا أظنّ المقام يكفي لمناقشتها كلها.
لكنّني على يقين أنّ الواحد منّا يمرّ بمراحل عامة في حُكمه على الأعمال ومستوى الإبداع فيها، وألخّصها في أربع مراحل.
المرحلة الأولى: أخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ
أتقبّل معظم الأفكار، تؤثّر بي وتقنعني في الغالب، أجد أنّ فيها فكرة تستحق التأمل، ووجهة نظر وذائقة تلامس شبيهاتها، اطّلاعي المحدود وقدراتي شبه المعدومة تجعلني أنظر باحترام لكل فكرة وصلت إلى مرحلة التنفيذ والانتشار.
المرحلة الثانية: أنا أفكر وأنا موجود
أتقبّل بعض الأفكار، أتعامل معها بحذر، هناك الكثير من الغثاء، والكثير من الأعمال التي لن أستطيع الوصول لمستواها، وحين أرفض فكرة أو أنتقدها أبحث عن أسباب رفضي لها وأحاول تبريره وأشكّ في سلامة حكمي.
المرحلة الثالثة: مبدع لا تكلّمني
لا يعجبني العجب، ولا الصيام في صفر. قلت صفر وليس رجب لأنّي مبدع ومختلف. السوق طافح بالدخلاء على المهن الإبداعية! لا يوجد كتّاب حقيقيون ولا مصمّمون ولا مخرجون. الأعمال التي تستحق الإشادة تُعدّ على أصابع القدم الواحدة، والخواجات متفوّقون علينا بسنين ضوئية! ملف أعمالي فارغ لأنّ السوق مستعجل ولا ينتظر إلهامي، أو لأنّي لستُ راضيًا عن تجاربي فهي لا تمثّل إبداعي منقطع النظير.
المرحلة الرابعة: ذو العقل يشقى في النعيم!
أتقبّل معظم الأفكار، تؤثّر بي وتقنعني في الغالب، أجد أنّ فيها فكرة تستحق التأمل، ووجهة نظر وذائقة تلامس شبيهاتها على الأقل. اطّلاعي الواسع وقدراتي العالية تجعلني أنظر باحترام لكل فكرة وصلت إلى مرحلة التنفيذ والانتشار. لِمَ الشقاء إذن؟ لأنّني كما هو واضح أمرّ بمرحلة شبيهة جدًا بالمرحلة الأولى، ولا يستطيع مبدعو الزمان والمكان فهمها أو التفريق بينهما.
مَخرج:
لا مشكلة شخصية بيني وبين أصحاب الإحساس الإبداعي، الذين يحسّون أكثر مما يعملون. مشكلتي في عدم ذكر الأسباب الموضوعية والدوافع التي سيظهر ضعفها حين يصرّحون بها. إضافةً إلى استحالة الجمع بين الإبداع والانغلاق على الذات برفض كلّ جديد ومختلف وغريب فقط لأنّه جديد ومختلف وغريب.

«خارجَ الصواب والخطأ، هناك حقلٌ فسيح… سألتقيك هناك.»
جلال الدين الرومي

سألنا في العدد الماضي (لماذا نحِبّ أن نحَبّ) فأعجبني مما قيل:
في دنيا الخسارة، نريد أن نربح ولو لمرة واحدة! — نوف السليمي
لأن الحُب يجعلنا نصدق أننا أشخاص جيدون بما يكفي. — مروة محمود
ظن أنه لا يُرى، حتى رآها تناديه. — فاطمة أيمن
سؤال اليوم أجب عليه في أقل من عشر كلمات: لماذا يخاف الإنسان من التغيير؟ 🔓
أفادتك النشرة؟ ودّك تستمرّ؟ أرسلها إلى ثلاثة أشخاص قد تفيدهم وشكرًا. 💙

نشرة بريدية أسبوعية تفكّك ألغاز المحتوى لمَن يخوضون معارك سوداء مع الصفحة البيضاء! لن أعطيك نصائح سطحية ولا حِكم مكررة، بل أفكارًا حادّة تساعدك في شحذ قلمك وسنّ أفكارك. 🖋️