كيف أكتب نصوص ممتعة؟ 🪂
لو كنت سأحدّد تسع صفات تجعلك كاتبًا مؤثرًا، صاحب نصوص ممتعة، سأهديك -وأهدي نفسي قبلك- هذه الوصايا التسع.


الحبّ عاطفة. الغضب عاطفة. تعاطفك مع المظلوم عاطفة. رأفتك بالحيوانات عاطفة، والشِّعر والأدب عاطفة… العاطفة شيء جميل حين تشعر به، وشيء مدمّر حين تتخذ قراراتك الكبرى بناءً عليه! ومساء الخير :)

سألني سائل: كيف أكتب مثل أسلوبك؟
ومع جهلي بالإجابة، وجدت نفسي أتساءل: لماذا نحتكر الأسلوب المؤثر أو الجاذب في شخصٍ ونسعى لتقليده؟
لماذا لا يكون السؤال: كيف أحسّن أسلوبي في الكتابة؟
ولتبسيط الفرق. تخيل أن تذهب إلى شخص وتسأله: كيف أتعامل مع الناس بمثل أسلوبك؟
إنّ شعور الناس تجاه شخصيتك يحدده أسلوبك في التعامل معهم. وبالمثل، فإن شعورهم تجاه نصوصك يحدده أسلوب كتابتك الذي لا يشبه غيرك.
فهل نتوقف عن التعلّم والاستلهام من الآخرين؟
لا. تعلَّم المهارات ولا تقلّد الأسلوب.
مثلما تسعى للتطبّع بصفات التغافل والحلم والصدق والكرم وكبت الحسد وغيرها من المهارات الشخصية والقيادية. ابحث عن الصفات التي جعلت هذا الكاتب مؤثرًا أو جعلت نصوصه ممتعة.
أسلوب الشخص هو مزيجٌ فريد تراكميّ من كل ما يشكّله من مكوّنات وقصص فريدة. بما في ذلك جيناته وعِرقه وصفات والديه، ومدينته وحارته ومستواه المعيشي، ومستوى معلميه وزملاء دراسته وأخلاقيات أصدقائه وغير ذلك… ومهما حاولت تقليد أسلوبه فأنت تحاول نسخ بصمة إنسان آخر، ولن تفلح. وقد تصنع شخصيةً مزيّفة. وكذلك الحال في أسلوب الكتابة، فهو مزيج من كل تلك الأشياء وغيرها.
ولو كنت سأحدّد تسع صفات تجعلك كاتبًا مؤثرًا، صاحب نصوص ممتعة، سأهديك، وأهدي نفسي قبلك، هذه الوصايا التسع:
كُن صادقًا
لا تكتب عناوين جاذبة (كاذبة)، أو تنصب مصيدة في أول النص وأنت وحدك تعلم أنّك لن تفي بوعدك في آخر النص. الجميع -حتى الكذاب- يكره الكذب وأهله.
كُن مخلصًا
اكتب محتوى ستتمنى لو أنّ أحدًا كتبه قبلك!
اكتب شيئًا قريبًا منك ويشبهك، وسيحبه الناس الذين يشبهونك. وستستفيد منه لو قرأته قبل أن تكتبه. الفرق أنك تبرعت بجزء من وقتك للجلوس والتأمل والكتابة وإعادة الكتابة في موضوع يشغل بالك وبال أشباهك.
كُن منضبطًا
لا أعرف شخصًا نجح في تحقيق أي إنجاز في هذا الكوكب بدون حد أدنى من الانضباط (أعلى من متوسط الحد الأدنى الذي يملكه معظم الناس.)
كُن موهوبًا!
أقصد هنا كن شغوفًا بالأشياء التي ستوهَب لك حين تعطيها وقتك!
أعطِ الكتابة وقتها الخاص، وأعطِ تأملاتك وقراءاتك وقتًا لأنها غذاء قلمك. قيّد أفكارك المتطايرة قبل أن تختفي، ودوّنها في مساحة سريعة مخصصة، مهما كانت حالتك أو وضعك أو مزاجك.
كُن نافعًا
«فأمّا ما ينفع الناس فيمكث في الأرض».
اجعل آخر همك الفلوس والوظيفة
لاحظ أنها ما زالت ضمن همومك، لكن حين تجعلها أكبر همومك ستسيطر على أفكارك وتطفو على أسلوبك. حتى إرضاء القرّاء ليس غاية. أنت تكتب شيئًا تريد قوله، وتستمتع بقوله بحُرّية مطلقة، وبالطريقة التي تريد.
تجاهل متلازمة المحتال
كلنا نعاني منها. ولو كتبت لك بالتفصيل كيف تتجاهلها فلن يكون هذا تجاهلًا!
استغل اختلاف الأذواق
هناك نظرية ألّفتها قبل سبع دقائق. سمّيتها «نظرية رابح صقر». أرغم نفسي كل ستة أشهر على سماع أغنية لرابح صقر؛ حتى أفهم كيف ربح جمهورًا يطرب له ولأغانيه. فيتجدد إيماني بتعدّد الأذواق، وأتيقّن أنّ رابح لو جعل شغله الشاغل وهمّه الأكبر «كيف أغنّي مثل محمد عبده؟» لخسر محمد عبده وجمهوره.
لا تقارن فشلك بنجاحات غيرك
هل فوز الحزم على الهلال في نهائي كأس آسيا يثبت أن الحزم أفضل من الهلال؟
وبالمثل فإن إخفاقك في مباراة نصّ واحد لا يعني أنك غير صالح للكتابة، أو اللعب.
اعتراف أخير: في أثناء كتابتي للفقرة الأخيرة شعرت بأني أقترب بشكل خطير من محتوى «تطوير الذات»، وهذا الشعور كفيل بحذف هذا العدد عن بكرة أبيه. لكني تعوّذت من الشيطان وأرسلت البريد. في النهاية هذه أفكاري التي أؤمن بها وأريد أن أقولها للعالم بحرّيةٍ مطلقة.

ما يُقرأ بسهولة نادرًا ما يكون قد كُتب بسهولة. أن تكون الكتابة عصيةً على الفهم يعني تقديم حماية فريدة ضد عدم امتلاك شيء لتقوله!
آلان دو بوتون

وصلتني إجابات عجيبة على سؤال العدد الماضي (ما وجه الشبه بين الكُرة والكُرْه) هي الأفضل منذ إطلاق النشرة! فشكرًا لهذه النصوص الممتعة:
كلاهما يتسبب في الكسر — محمود شريعي
كلاهما وسط بين طرفي نزاع — أريج المصطفى
كِلاهما يدور، وكلما أسرعا، نسينا من بدأ الرّكل — أسماء الخالدي
كلاهما يفقدك السيطرة — ولاء
الكرة تجري خلفها حتى تتعب، والكُره تظل تشعر به حتى تتعب — منة الله مسعد
الكرة تسلّيك والكُره يسلبك — حليمة الزهراني
وسؤالي لك اليوم ما وجه الشبه بين الخاطر والمخاطر؟

خلصت توصياتي. 🤝 أعطني توصيتك القيّمة، أيًا كان نوعها، في ردّ على هذه الرسالة. 📬
أفادتك النشرة؟ ودّك تستمرّ؟ أرسلها إلى ثلاثة أشخاص قد تفيدهم وشكرًا. 💙

نشرة بريدية أسبوعية تفكّك ألغاز الكتابة لمَن يخوضون معارك سوداء مع الصفحة البيضاء! لن أعطيك نصائح سطحية ولا حِكم مكررة، بل أفكارًا حادّة، وأدوات مجرَّبة، تساعدك في شحذ قلمك وسنّ أفكارك. 🖋️