اخرج في موعد مع الكتابة 💘

ثلاث طرق (صعبة) لتكون الكاتب المتميّز في سوق الأعمال العادية.

عدد مشتركي هذه النشرة يقترب من الألف الأول، وهو عدد مبشّر محليًا وعالميًا بالنسبة لنشرة لا تزال تحبو في شهورها الأولى. لكن نصف هؤلاء المشتركين لا يقرأون إيميلاتهم! لهذا فتحت قناة واتسابية هادئة تصلك فيها رسالة وحيدة أسبوعيًا مع رابط العدد. انضم للقائمة في ثانيتين بسرّية تامة من هنا قبل إكمال القراءة، وأخبر بها أصدقاءك وجيرانك وأحفادك، وصباح الخير.


كيف أطوّر نفسي في كتابة المحتوى لأعمل مع الشركات الكبرى؟ هذا السؤال يكاد يصلني كل يوم في الواقع وعلى المنصات بألوانها المختلفة. ورغم صعوبته، حاولت الإجابة عليه في ثلاث وصايا ثمينة وتطبيقها صعب لكنّه ممكن.

الوصية الأولى: تميّز تطبّع بالتميُّز

تبدو نصيحة تقليدية، لكنها الأهم والأصعب. وكلما عملتَ بجوهرها زادت فرصك المهنية. ضع نفسك مكان الجهة أو العميل، مثلما يبحث هو عن أفكار وأعمال تميّزه عن البقية (العاديّين)، تطبّع أنت بصفاتٍ تميّزك عن البقية وتنعكس على أعمالك وعلاقاتك. وهذا يتطلب منك معرفة عميقة بسلوك النفس البشرية، ويضعك في تحدٍّ دائم مع نفسك، فمثلًا:

الكتّاب -والبشر عمومًا- يسوّفون؟ كن الكاتب الذي لا يسوّف! صعب؟ لذلك التميز صعب.

الكتّاب -والبشر عمومًا- يميلون إلى الراحة والكسل والسلْق وإنجاز الأمور بأقل وقت وجهد ممكنَين؟ كُن الكاتب المتأنّي الجادّ الذي ينحت نصوصه وينقد أعماله مرارًا قبل أن يعرضها على غيره.

وقِس على ذلك:

معظم الكتّاب يتعصبون لآرائهم؟ يتكاسلون عن القراءة والكتابة اليومية أو حتى الأسبوعية؟ لا يتحمّسون لقراءة نشرة طويلة كهذه، أو غيرها من المحتوى المفيد الملهم والمقالات المطوّلة؟ يستثقلون مشاهدة وتحليل عشرات الإعلانات والمنشورات الإبداعية محليًا وعالميًا؟ كن أنت الاستثناء، وستصل إلى نتيجة استثنائية.

طيب، لو فعلنا كلّنا الشيء نفسه كيف سنحقق التميز وسنصبح استثنائيين؟ 

-رغم استحالة تحقيق ذلك لطبيعة الحياة والناس والأشياء- إلا أنّ محاولات البشر الحقيقية في بلوغ المجد هي الطريقة الوحيدة التي أشعلت عقولهم بالابتكارات، ورفعت جودة حياة سكّان الكوكب على مرّ العصور.

كخطوة عمليّة تعزّز تميّزك، توقّف عن كتابة محتوى تسويقي اعتيادي فقط لأن الجميع يكتبونه بهذه الطريقة!

الجميع يصف الوجبة بأنها (لذيذة) والعصير بأنه (منعش) والدورة التدريبية بأنها (استثمار في نفسك) ويسوّق للفلم بصفته (مثيرًا)، والذكاء الاصطناعي يفعل الشيء نفسه… تميّز عنهم، احذر من التقاط الأفكار من سطح العقل، فكّر بعمق في المساحات والألفاظ والمعاني والمشاعر والمشكلات التي لم يصل إليها الآخرون. والأهم، تجاهَل التفكير في ردة فعل مديرك أو عميلك، لا تحاول الاتّساق مع توقّعاتهم. استمر في محاولات تحقيق هذا التميز، وبالطبع لن تنجح في كل مرة!

على المستوى الشخصي فشلتُ كثيرًا، وكل ما أفعله في حياتي هو أنني (أحاول) التميّز. سأشاركك واحدة من محاولاتي التي (ضبطت تقريبًا). في الصفحة الثانية من الملف الذي تقدّمت به للعمل في شركة ثمانية في نوفمبر 2021 كتبت عنوانًا بسيطًا يشبه: لماذا يجب أن تختارني ثمانية؟ واختصرت الإجابة في ثمانية كلمات تمثّل صفاتي المشتركة مع ثمانية آنذاك. وفي كل كلمة منها أدرجتُ رابطًا يوصلك إلى إثباتها العمليّ: مثلًا أدرجت في كلمة (منضبط) رابطًا يحيل إلى 66 تدوينةً كتبتها ونشرتها على مدى 66 أسبوعًا، يتكوّن كلٌ منها من 199 كلمة (دون زيادة أو نقصان) كنت أنشرها كلّ سبت في تمام الواحدة ظهرًا 01:00. من سيشكّك في انضباطي بعد هذا (غير نفسي التي تعرف حقيقتي)؟…

الوصية الثانية: أخلِص!

كثيرون يحبّون الكتابة لأنّهم يحبّون الزخم والبريق الذي تمنحه للكتّاب! هؤلاء ستظل علاقتهم بالكتابة علاقة حبّ من طرفٍ واحد. إذا أردت أن تحبك الكتابة، عليك أن تُخلِص لها، عاملها كما تعامل حبيبتك! 💘

أليست تريدك أن تتذكرها في كل لحظة؟ أن توقف تفكيرك، تمرينك، لقاءاتك مع أصدقائك، وحتى قيادتك للسيارة من أجل مكالمتها؟ كذلك الكتابة، عندما تهاتفك بفكرة، عليك أن تستجيب فورًا. وإن لم تفعل، ستقول لك لاحقًا: «ما فيني شيء» أو «لو يهمك كنت عرفت!»

الإخلاص هنا يعني ألّا تخون الكتابة! عدم تخصيص وقت للكتابة كل أسبوع على الأقل؟ خيانة. أن تكتب بينما ذهنك منشغل بأمور أخرى؟ خيانة. إهمال نصوصك حتى تذبل والانشغال عنها بهوايات أخرى؟ خيانة. وأعظم خيانة أن تقدّم فكرة تعرف تمامًا أنها لا تصلح، لكنك تمرّرها لأنّ الوقت يداهمك، أو المزاج لا يسعفك، أو حتى ينام العميل أو المدير أو حتى الجمهور على الجنب الذي يريحه.

كن صادقًا مع نفسك، هل تجد نفسك في الكتابة حقًا؟ هل تحبها بصفتها أسلوب حياة، أم أنك تغار ممن يتقنونها ويبادلونها الحب؟ يجب أن تكتب لأنك لا تستطيع العيش دون الكتابة. عندها فقط، ستكافئك بطرق لم تكن تتوقعها. (قد يبدو هذا الحديث حالمًا وبعيدًا عن مهنة كتابة المحتوى، لكنه مدخلك إليها ومخرجك منها.)

الوصية الثالثة: شكِّك!

أؤكد لك أن سبب إخفاق كتّاب المسلسلات الخليجية المملّة، ومعلّمي الفيزياء المكروهين، والحلّاق الذي يمثّل بجثث زبائنه كل أسبوع، هو أنهم أكلوا المقالب في أنفسهم، ولم يشكّكوا في قدراتهم. لم يراجعوا مهاراتهم ولم يتأملوا مدى إتقانهم.

لن تجد صفة ذميمة أكثر من التشكيك في الآخرين دون دليل، لكنها تصبح فضيلة عندما تشكّك في نفسك الأمّارة بالسلق، وفي عقلك الذي يخدعك كل يوم. شكّك في نصوصك وأفكارك واجعل التشكيك وقود التحسين لا التحطيم.

زبدة الكلام:

إذا تميّزت بصدقٍ ومثابرة، وأخلصت للكتابة طواعيةً ووفاءً، وشكّكت في نصوصك بوعي، ستتهافت عليك الفرص من كل الجهات بدلًا من البحث عنها، ولن تحتاج جهدًا كبيرًا لإثبات استحقاقك.


«الامتياز ليس صدفة، بل هو ثمرة الطموح العالي، والجهد الصادق، والتنفيذ الذكي

أرسطو


سألنا في العدد الماضي (لماذا يبرّر الإنسان لنفسه دائمًا؟) ولفتَتني من الإجابات هذه:

  • لأنه يظنّ دائمًا أن نيّته أفضل مما جرى على جوارحه. — حنين العميرة

  • حتى لا يكون هوَ أيضا حسيباً لنفسه. — فاطمة الغامدي

  • ليتدثر... فالعراء من المعنى خادش للسريرة. — كوثر العوادي

سؤال اليوم أجب عليه بنصّ أقصر منه:

لماذا يكون الناس ودودين حين يسيرون بأقدامهم، وشرسين حين يتواجهون بسياراتهم؟ 🛞


أفادتك النشرة؟ تودّ أنّها تستمرّ؟ أرسلها إلى ثلاثة أشخاص قد تفيدهم وشكرًا. 💙

مهارات الكتابةكتابة المحتوىالمواعدة
نشرة قوارش
نشرة قوارش
كلّ سبت

نشرة بريدية أسبوعية تفكّك ألغاز المحتوى لمَن يخوضون معارك سوداء مع الصفحة البيضاء! لن أعطيك نصائح سطحية ولا حِكم مكررة، بل أفكارًا حادّة تساعدك في شحذ قلمك وسنّ أفكارك. 🖋️